اختص الله -سبحانه وتعالى- سيدنا لقمان بسورة كاملة في القرآن الكريم، والتي جمعت العديد من الوصايا والتعاليم لوصول المؤمن إلى درجة عالية ومرتبة رفيعة في آداب كل من الدين والحياة والمعاملة، حتى أضحت وصايا لقمان دستورًا في تواصل المسلم مع ربه وتعامله مع من حوله.
من وصايا لقمان لابنه
فيما يلي مجموعة الوصايا التي أوصى بها لقمان الحكيم ابنه:
- توحيد الله -عزّ وجل- وعدم الشرك به حيث ورد في الآية الثالثة عشر من سورة لقمان قول الله -سبحانه وتعالى-: “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ”،[1] وفي ذلك وجوب تعظيم الخالق -عز وجلّ- وعبادته حق عبادة والابتعاد عن الشرك حيث وعد الله تعالى المشركين بعذاب أليم ومثواهم جهنم وبئس المصير.
- معرفة حقيقة الخالق وعظمة قدرته وحكمته وعدله حيث جاء في الآية السادسة عشر من سورة لقمان قوله لابنه: “يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ”.[2]
- إقامة الصلاة لما فيها من أثر روحي على المسلم وما فيها من تعظيم الخالق -عز وجل- والخضوع له في كل أمر، وكذلك اتباع المعروف من الأمر والابتعاد عن الأفعال السيئة والمنكرة، بالإضافة إلى الصبر على المصائب والابتلاء والاستعانة بالله -جل جلاله-، حيث خاطب لقمان ابنه في الآية السابعة عشر من سورة لقمان: “يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ”.[3]
- الابتعاد عن مظاهر التكبر بين الناس والنظر إليهم بازدراء، بل معاملتهم بالطيب وحسن الكلام والقول، وكذلك عدم التفاخر والفرح المفرط في الحياة فهي دار زوال وأمر الرزق بيد الله وحده ولا أحد يملك من أمره شيئاً إلا ما قدره الله له، وذكر القرآن الكريم في الآية الثامنة عشر من سورة لقمان ذلك: “وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ”.[4]
- المشي والسعي في الأرض بوقار، والاعتدال في الحركة والمشي، وكذلك الالتزام بآداب الحديث والصوت الضعيف الذي يدل على احترام الآخر والتأدب في مخاطبته، لذكر الله تعالى وصية لقمان الحكيم في الآية التاسعة عشر من سورة لقمان: “وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ”.[5]
الفضل في وصايا لقمان لابنه
فيما يلي مجموعة الفضائل والآداب التي جمعها لقمان الحكيم في وصاياه لابنه:
- التعريف بقدرة الله وحكمته في ملكه وحكمه، وأن مشيئته فوق جميع خلقه، يؤتي الأمر من يشاء ويصرفه عمن يشاء، وفي ذلك اختص الله تعالى سيدنا لقمان بالحكمة والعلم.
- الأهمية الكبيرة في ذكر الله وحسن شكره وعبادته لما لها من فضلٍ كبير في تهذيب الذات وتعويد النفس على طاعة الخالق وما تمنحه من تيسيرٍ في الأمور وسعة في الرزق والرحمة.
- دور الوالدين الكبير في حياة الابن وهدايته وتعليمه المعارف والعلوم وتوجيهه إلى الدرب الصحيح، وما يترتب في المقابل من طاعة الابن لوالديه فيما يرضي الله تعالى والبر بهما، لما ورد في الآيتين الرابعة عشر والخامسة عشر من سورة لقمان: “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.[6][7]
- التعريف بالمصير القاسي والعذاب الكبير الذي يلاقيه المشرك بالله تعالى.
- التفكر في خلق الله -جلَّ وعلا- وإبداعه في هذا الكون، الأمر الذي يزيد إيمان المسلم، ويقوي صلته بالله تعالى.