كتابة مناظرة عن شخص يفضل المال على العلم

رغد منصور13 سبتمبر 2024آخر تحديث :
كتابة مناظرة عن شخص يفضل المال على العلم

تعتبر المناظرة أحد الأساليب الأدبية لطرح وجهات النظر المتباينة في موضوع محدد للوصول إلى نقاط التقاء ونتيجة مرضية للطرفين، وتعتمد المناظرة على ترتيب محدد يضمن حوار ونقاش بناء، وخاصة إن كان الموضوع يتعلق بالمقارنة والمقاربة بين أساسيات الحياة كالعلم والمال والأخلاق وغيرها.

كتابة مناظرة عن شخص يفضل المال على العلم

فيما يلي مناظرة لأحد الأشخاص الذي يفضل المال على العلم مع آخر يرى وجهة نظرة معاكسة له:

الشخص الذي يفضل المال على العلم الشخص الذي يفضل العلم على المال
كيف حالك يا صديقي، منذ زمن لم يتسن لنا اللقاء فأعمالي ومشاغلي كثيرة لكسب المال. أهلا وسهلا بك يا صديقي، صحيح كلامك، وأنا أيضًا قد أخذ مني البحث والتقصي في العلم الكثير من وقتي.
ما زلت تهتم بالعلم وتلهث خلفه، دعك منه، فالمال يغنيك عن العلم، فهو يلبي لك كل احتياجاتك ورغباتك، دون أن تؤرق نفسك خلف العلوم والأبحاث المعقدة. سامحك الله يا صديقي، فلولا العلم لما كان للمال قيمة، وإن كان المال هو الأساس حسب نظرك، فالعلم هو المحرك الصحيح لهذا المال، ألا يحتاج المال إلى عقل وفكر وعلم لتحصيله وكذلك صرفه دون تبذير أو إسراف.
ولو فرضنا أن كلامك صحيح، ألم تقرأ قول الله -عز وجل- في محكم كتابه الكريم “المال والبنُون زينَة الحياة الدّنيا”[1] أي أن المال هو ما يجذب المرء للدنيا، ويجعل لها جمالًا ومتعةً. لكنك يا صديقي لم تكمل قول الله تعالى: “والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثوابًا وخيرٌ أملًا”[1] هذا يعني أن عملك الصالح الذي يقوم على العلم والمعرفة والإلمام بأوامر الله -عز وجل- وتعاليم نبيه الكريم هي الأساس الباقي والخير الثابت الأجر والأثر، وذكر الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم “يرفَع الله الّذين آمنوا والذين أُوتوا العلمَ دَرجات والله بما تعلمون خبير”[2] ولم يقل الله -عز وجل ويرفع الذين يملكون المال، وفي هذا تفضيلٌ للعلم على المال.
لعل كلامك فيه من الصحة، لكن انظر إلى الأمم وتطورها وبنيانها وعمرانها، كل هذا ما كان لولا وجود المال والقدرة المالية على التشييد والبناء والعمل وغيرها. أوافقك الرأي، لكن انظر للحداثة والتطور وازدهار الأمم من منظورٍ آخر، ما الذي يمكن أن يصنعه المال منها لولا وجود العلماء والمعماريين والمخترعين وغيرهم الذي نهلوا العلم حتى وصلوا إلى ما تراه من حضارة.
ومع هذا، فلولا المال ما كان للعلم فائدة، ولا كان هناك حضارة ولا حداثة ولا تطور، حتى وإن حدث ذلك لم يكن بمقدور الإنسان امتلاك هذه الأشياء في حياته وبيته لولا وجود المال. لكن هناك أمر أساس وهناك أمر مساعد والأساس في هذه الحضارة هو العلم والمساعد هو المال، انظر كيف نرى من خلال الآثار وبقايا الحضارات الغابرة رسومات وكتابات تمجد علمهم وتذكر مدى تطورهم.
وكذلك الأمر في القديم كان الأمراء والملوك يصنعون كل هذا بفضل ما لديهم من مال وذهب، وحتى القدماء كانوا يتباهون بأملاكهم وأموالهم حد أن يُعبد الأكثر مالًا وسلطةً، ولنا في مكانة فرعون بين قومه خير دليل. ومن رأيي لنا في النبي المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم- خيرُ دليلٍ أيضًا، فقد عاش فقيرًا قليل المال، لكنه بعلمه هدى أممًا بأكملها، وما زال أثر علمه والدين الذي جاء به موجود إلى يومنا هذا، وإن كان المال شيء من الدنيا، فتذكر أن النبي المصطفى ذكر في حديث شريف “إذا مَات ابن آدم انقطَع عمله إِلا من ثلاث صَدقة جَارية، وعلم يُنتفع به ووَلد صالح يَدعو له”[3] وفي هذا بيان لمكانة العلم ومنزلته في الدنيا والآخرة.
مع أني أرى أن المال هو الأساس في الحياة، لكن أحترم وجهة نظرك صديقي، وأتمنى لك أن تصبح شخصية ذات أثر كبير في العلم. وأنا أكنّ لك كل الاحترام صديقي، واختلافنا في وجهة النظر ليس خلاف، أتمنى أن أراك في أفضل حال.

المراجع

  1. ^ سورة الكهف، الآية 46
  2. ^ سورة المجادلة، الآية 11
  3. ^ رواه أبو هريرة في كتاب صحيح مسلم، رقم الصفحة أو الحديث 1631
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة